قال الخطابي -تعليقاً على هذا الحديث-: إِنَّما هي امرأة مبتدئة لم يتقدَّم لها أيام، ولا هي مميّزة لدمها، وقد استمرَّ بها الدَّم حتى غلبَها، فردَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها إِلى العُرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النِّساء، كما حَمَل أمرها في تحيُّضها كل شهر مرّة واحدة؛ على الغالب من عادتهن، ويدلّ على هذا قوله:"كما تحيض النِّساء ويطهُرن بميقات حيضهنَّ وطُهرنَّ".
قال: وهذا أصلٌ في قياس أمر النِّساء؛ بعضهنَّ على بعض؛ في باب الحيض والحمل والبلوغ، وما أشبه هذا من أمورهنّ.
٣ - أن لا تكون لها عادة، ولكنَّها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتَّمييز، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش -رضي الله عنها- أنَّها كانت تُستحاض، فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا كان دم الحيض؛ فإِنَّه أسود يُعرف؛ فأمسكي عن الصَّلاة، فإِذا كان الآخر؛ فتوضَّئي إِنَّما هو عرْق (١) "(٢).
= الترمذي" (١١٠)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (٥١٠) والطحاوي في "مشكل الآثار" والدارقطني والحاكم، وانظر "الإِرواء" (١٨٨). (١) تقدّم تخريجه. (٢) قال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "الفتاوى" (٢١/ ٦٣٠): "وفي المستحاضة عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث سنن: سنة في العادة لمن تقدّم، وسنَّة في المميزة، وهو قوله: "دم الحيض أسود يُعرَف"، وسنّة في غالب الحيض، وهو قوله: "تحيَّضي ستاً أو سبعاً ثمَّ اغتسلي، وصلّي ثلاثاً وعشرين، أو أربعاً وعشرين، كما تحيض النساء، =