الإمام على سبيل الاجتهاد وتحرّي المصلحة كَعَقْد الذّمّة؛ ولو جُعِل ذلك لآحاد النّاس؛ صار ذريعةً إلى إبطال الجهاد". انتهى.
قلت: أمّا جواز أمانِ المرأة؛ فلعموم النصوص الواردة المتقدّمة؛ فهي تمضي على الرجل والمرأة، وقد قال النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "النساء شقائق الرجال" (١).
ولا دليل على تخصيص ذلك بالرجال.
بل إنه قدر وَرد حديث صريحٌ يدلّ على صحة أمان المرأة.
فعن أمّ هانئ (بنت أبي طالب) قالت، قلت: "يا رسول الله زَعَم ابن أمّي (٢) أنّه قاتِلٌ رجلاً قد أجرْتُه، فلانَُ بنُ هُبَيرَة فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قد أجَرْنا مَن أجرْتِ يا أمّ هانئ" (٣).
قال الإمام النّووي -رحمه الله- (٥/ ٢٣٢): "واستدلَّ بعضُ أصحابنا وجمهور العلماء بهذا الحديث؛ على صحّة أمان المرأة".
وجاء في "الروضة الندية" (٢/ ٧٥٩): "قال ابن المنذر: أجمَع أهل العِلم
(١) أخرجه أبو داود، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٩٨) وانظر "المشكاة" (٤٤١) وتقدّم في "كتاب الآذان". (٢) قال الإمام النّووي -رحمه الله-: "وإنما قالت: ابن أمّي مع أنّه ابن أمّها وأبيها؛ لتأكيد الحرمة والقرابة والمشاركة في بطن واحد، وكثرة ملازمة الأمّ، وهو موافق لقول هارون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {يَبنَؤُمَّ لَا تَأخُذ بِلِحيتِي}. انتهى. قلت: وهو عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما في روايةٍ عند البخاري: (٣١٧١)، ومسلم: (١/ ٤٨٩) (كتاب صلاة المسافرين وقِصَرها) "باب استحباب صلاة الضحى" (٣٣٦ - ٨٢). (٣) أخرجه البخاري: ٣٥٧، ومسلم: ٣٣٦.