العِلَّة هي الكُفر (١) لقوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٢)، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أُمِرتُ أن أُقاتل النّاس حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله ... "(٣). ومنهم من قال: العِلَّة هي القتال وما في معناه؛ كالمشاركة في الرأي والمشورة.
قلت: والراجح هو الثاني لما يأتي:
أ. قوله -تعالى-: {وَقاتلُوا في سَبِيلِ اللهِ الذين يُقاتلُونَكم}(٤)، ففيه عدم قتال من لم يُقاتِل.
ب. لاستثناء أصنافٍ من الكُفار؛ كالنساء والصبيان والعسفاء، كما في النصوص الثابتة المتقدِّمة، فلا يُسلَّم لهم بما ذهبوا إليه مِن عموم قوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٥).
ج. تعليل إنكار النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْل المرأة في الحديث المتقدّم بقوله:"ما كانت تقاتل".
(١) انظر "المحلى" (المسألة ٩٢٨). (٢) التوبة: ٥. (٣) أخرجه البخاري: ١٣٩٩، ومسلم: ٢٠. (٤) البقرة: ١٩٠. (٥) قلت: بل إنّ هذه الآية الكريمة هي إباحةٌ بعد حظر، ونَصُّ الآية: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، فبعد الإباحة يَرجع الحُكم إلى ما كان قبل الحظر -واجباً كان أو مستحباً- كما في "المسوَّدة" وهو هنا يرجع إلى وجوب القتال، وما هي سِمة القتال: إنها على النَّحو الذي كان قبل حظر القتال، وليس له علاقة بما ذهبوا إليه من قَتْلِ كلّ مشرك؛ ومنهم الرهبان وأصحاب الصوامع ... !! بل ينبغي تقييد الآية السابقة بقوله -تعالى-: {وَقاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الذين يُقاتِلُونَكم} فيكون المعنى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حيث وجدتموهم}، وكذا ينبغي إخراج الأصناف الثابت إخراجها من هذه الآية؛ كالنساء والصبيان والعسفاء ... إلخ. والله -تعالى- أعلم.