فتُنصَرون وتَغنَمون وتَسلمون ثمّ تَرجعون، حتى تنزِلوا (١) بمَرْج (٢) ذي تُلول (٣)، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غَلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه (٤)، فعند ذلك تغدر الروم وتجمعُ للملحمة (٥)" (٦).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّ الله يؤيّد الدين بالرّجُل الفاجِر" (٧).
فيُجمَع بين الأحاديث بأنّ الاستعانة بالمشركين لا تجوز إلاّ لضرورة؛ لا إذا لم تكن ثمّ (٨) ضرورة (٩).
وبوّب الإمام النّووي -رحمه الله- لمسلم في كتاب "الجهاد والسِّير"، فقال: "باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر إلاَّ لحاجة، أو كونه حَسن الرأي في المسلمين" وذكر الحديث السابق ثمّ قال -رحمه الله- في الشرح: "قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فارجع فلن أستعين بمشرك"، وقد جاء في الحديث الآخر أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعان
(١) أي أنتم وأهل الروم. (٢) مرج: أرض واسعة ذات نبات كثير. (٣) ذي تُلول: جمع تَل: موضع مرتفع. (٤) أي: فيكسر المسلم الصليب. (٥) أي للقتال. وانظر "المرقاة" (٩/ ٣١٨). (٦) أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٦٠٧)، وابن ماجه. وانظر للمزيد من شرح الحديث -إن شئت- "المرقاة" (٩/ ٣١٨) و"عون المعبود"، (١١/ ٢٦٨). (٧) البخاري: ٤٢٠٣، ومسلم: ١١١. (٨) انظر إن شئت المزيد "الروضة الندية" (٢/ ٧٢٢). (٩) قال شيخنا -رحمه الله- في "التعليقات الرضية" (٣/ ٤٤٣): "انظر رأي الشافعي في "الأم" ففيه تفصيل جيّد".