أفلا ترجعُ إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتسأله لِمَ ذلك؟
قال: فرجعْت إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقلت: يا رسول الله، لم أعطيتني هذه العصا، قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، إنّ أقلّ النّاس المتخصرون يومئذ، فَقَرنها عبد الله بسيفه، فلم تزل معه حتى إذا مات أُمِر بها، فضُمّت معه في كفنه، ثمّ دُفِنا جميعاً} (١).
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مَن لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى اللهَ ورسوله، فقام محمّد بن مَسْلَمة فقال: يا رسول الله أتُحِبّ أنْ أقتله؟ قال: نعم، قال: فأذَنْ ليِ أن أقول شيئاً (٢). قال: قُلْ.
فأتاه محمّد بن مَسلَمة فقال: إنّ هذا الرجل قد سألَنا صَدَقةً، وإنه قد عنّانا (٣) وإني قد أتيتك أستَسلِفك (٤) قال: وأيضاً (٥) والله لتملُّنَّه (٦)، قال: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندَعَه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تُسلِفنا وَسْقاً (٧) أو
(١) صححه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح موارد الظمآن " برقم (٤٩٠). (٢) قال الحافظ -رحمه الله-: "كأنه استأذنَه أن يفتعل شيئاً يحتال به، ومن ثمّ بوَّب عليه المصنف "الكذب في الحرب" وقد ظَهر من سياق ابن سعد للقصة أنهم استأذنوا أن يشكوا منه ويعيبوا رأيه، ولفظه: "فقال له: كان قدوم هذا الرجل علينا من البلاء، حاربتنا العرب، ورمَتْنا عن قوس واحدة". (٣) من العناء وهو التعب. (٤) السّلفُ: القرض الذي لا منفعة فيه للمقرض. "النّهاية". (٥) أي: زيادة على ذلك. (٦) من الملال. (٧) الوَسْق: سِتُّون صاعاً وهو ثلاثُماثة وعِشْرون رِطْلا عند أهْل الحِجاز وأربَعمائة وثمانون رِطْلا عنْد أهْل العِراق على اخْتِلافِهِم في مِقدار الصَّاع والمُدِّ. والأصل في الوَسْق: الحِمْل، وكُلُّ شيءٍ وَسَقتَه فقد حَمَلْتَه، والوَسْق أيضا: ضَمُّ الشَّيء إلى الشَّيء. "النّهاية".