حقُّه، فكان له التوكيل في استيفائه كسائر حقوقه، فإِن لم يجد من يوكّله إِلا بعِوض، أُخِذ العِوَض من بيت المال.
أقول: ولا يخفى أن القِصاص من غير إِشراف الحاكم قد يؤدِّي إِلى الإِسراف في القتل والذي أشير إِليه آنفاً - ومِن أبشع صُوره اتساع دائرة القتل إِلى أبناء عشيرتين أو قبيلتين؛ انتقاماً وأخذاً بالثأر!
وجاء في "فتح الباري"(١٢/ ٢١٦): "قال ابن بطال: اتفق أئمّة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد إِن يَقتَصّ مِن حقّه دون السلطان، قال: وإنما اختلفوا فيمن أقام الحد على عبده ... ".
وهناك نُصوص تدلّ على أخذ الحق أو القِصاص في أشياء محدّدة دون السلطان.
قال الإِمام البخاري -رحمه الله- (باب مَن أخَذَ حقّه أو اقتصّ دون السلطان) ثمّ ذكر تتمّة حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لو اطلع في بيتك أحَدٌ ولم تأذن له، حذفته بحصاة ففقأت عينه (١)؛ ما كان عليك من جُناح (٢) "(٣).
وعن حميد أنّ رجلاً اطّلع في بيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسدّد (٤) إِليه
(١) ففقأت عينه: أي أطفأت ضوءَها. (٢) جُناح: أي إِثم أو مؤاخذة. (٣) أخرجه البخاري (٦٨٨٨)، ومسلم (٢١٥٨). (٤) فسدّد: أي صوّب، وزْنُه ومعناه. والتصويب: توجيه السهم إلى مرماه "الفتح".