قال الحافظ في "الفتح" (١/ ٤١٨): "وظاهر الحديث الوجوب، وبه قال الحسن وطاووس في الحائض دون الجُنُب، وبه قال أحمد، ورجَّح جماعة من أصحابه أنَّه للاستحباب فيهما ... ".
قال شيخنا -حفظه الله تعالى- في "تمام المنَّة" (١٢٥): "وقد ذهب إِلى التفصيل المذكور: الإِمام أحمد، وصححه ابن القيِّم في "تهذيب السنن" فراجِعه (١/ ١٦٥ - ١٦٨)، وهو مذهب ابن حزم (٢/ ٣٧ - ٤٠)".
ومن الأدلَّة على ذلك حديث أسماء بنت شَكَل في النقطة الآتية.
٣ - استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فِرصة من مسك في موضع الدَّم (٢):
عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: أنّ أسماء (٣) سألت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن غُسل
المحيض؟ فقال: "تأخذ إِحداكنَّ ماءَها وسدْرتها (٤)، فتطهَّر، فتحسن الطُّهور، ثمَّ تصبُّ على رأسها، فتدلُكه دلكاً شديداً (٥) حتى تبلُغ شؤون
(١) أخرجه البخاري: ٣١٧ (٢) هذا العنوان من "صحيح مسلم" (كتاب الحيض). (٣) هي بنت شَكَل؛ كما في رواية أخرى لمسلم: ٣٣٢ (٤) السِّدرة: شجرة النَّبِق، والمقصود هنا الورق؛ ليستعمل في الغسل، ويقوم مقامه الصابون ونحوه. (٥) وهذا كما تقدّم دليل على التفريق بين غسل المرأة في الحيض وغسلها من الجنابة؛ فقد أكَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الحائض أن تبالغ في التّدليك الشديد والتطهير ما لم يؤكّد في غُسلها من الجنابة. وانظر "تمام المنَّة" (١٢٥).