قال أبو عيسى:"هذا حديث حسن. وقد ذهب بعض أهل العلم إِلى هذا الحديث، وقالوا: لا بأس أن ينظر إِليها ما لم ير منها محرّماً، وهو قول أحمد وإسحاق. ومعنى قوله: "أحرى أن يؤدم بينكما"؛ قال: أحرى أن تدوم المودة بينكما".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنت عند النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنظرتَ إِليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إِليها، فإِنّ في أعيُن الأنصار شيئاً"(١)، يعني: الصغر.
ويجوز النظر إِليها، ولو لم تعلم أو تشعر به (٢)، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا خطب أحدكم امرأة؛ فلا جناح عليه أن ينظر إِليها، إِذا كان إِنَّما ينظر إِليها لِخطبتهِ، وإِن كانت لا تعلم"(٣).
قال شيخنا -رحمه الله-: "وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة، وهو محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال سهل بن أبي حثمة: رأيت محمد بن مسلمة يطارد بُثَيْنَةَ بنت الضَّحَّاك -فوق إِجّار (٤) لها- ببصره طرداً شديداً،
(١) أخرجه مسلم: ١٤٢٤، وتقدّم. (٢) قاله شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" تحت الحديث (٩٦)، ثمّ ذكر الدليل في الحديث الذي يليه. (٣) أخرجه الطحاوي، وأحمد، والطبراني وغيرهم، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (٩٧). (٤) الإِجّار -بالكسر والتشديد-: السطح الذي ليس حواليه ما يردّ الساقط عنه. "النهاية".