وإن انصرف بعد رميه في اليوم الثاني، ولم يبت للرمي في اليوم الثالث جاز؛ لقوله تعالى:{واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إِثم عليه ومن تأخر فلا إِثم عليه لمن اتقى}(١)، لكن التأخر للرمي أفضل؛ لأنّه السُّنّة (٢).
والسّنّة الترتيب بين المناسك المتقدّمة: الرمي، فالذبح أو النحر، فالحلق، فطواف الإِفاضة، فالسعي للمتمتع؛ لكن إِنْ قدّم شيئاً منها أو أخَّر جاز؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا حرج، لا حرج".
عن عبد الله بن عمر: "أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف في حجة الوداع؛ فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج. فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارمِ ولا حرج. فما سُئل
(١) البقرة: ٢٠٣. (٢) قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "فإِذا غربت الشمس وهو بمنى؛ أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث". قال شيخنا -رحمه الله-: وعليه جماهير العلماء، خلافاً لما ذهب إِليه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ١٨٥)! واستدل لهم النووي بمفهوم قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إِثم عليه} فقال في "المجموع" (٨/ ٢٨٣): "واليوم اسم للنهار دون الليل"؛ وبما ثبت عن عمر وابنه عبد الله قالا: من أدركه المساء في اليوم الثاني بمنى؛ فليقم إِلى الغد حتى ينفر مع الناس. ولفظ "الموطإِ" عن ابن عمر: لا ينفرون حتى يرمي الجمار من الغد". وأخرجه عن مالك الإِمام محمد في "موطَّئه" (ص ٢٣٣ - "التعليق الممجد") وقال: "وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة والعامة".