حوله، حتى ألقى (١) بفِناء (٢) أبي أيوب، وكان يُحبّ أن يصلّي حيث أدركته الصلاة، ويُصلّي في مرابض الغنم (٣)، وإنّه أمر ببناء المسجد، فأرسل إِلى ملإٍ من بني النجار: ثامنوني (٤) بحائطكم هذا. قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إِلا إِلى الله.
فقال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خَرِب (٥)، وفيه نخل، فأمر النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقبور المشركين فنُبِشَتْ، ثمّ بالخَرب فسُوِّيَتْ، وبالنخل فقُطِع، فصفّوا النخل قِبلة المسجد، وجعلوا عِضادتيه (٦) الحجارة، وجعلوا ينقلون الصّخر وهم يرتجزون، والنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم وهو يقول:
عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "كسر عظم الميت
(١) أي: ألقى رحله. (٢) هو الناحية المتسعة أمام الدار. (٣) مرابض الغنم: هي مباركها ومواضع مبيتها ووضْعها أجسادها على الأرض للاستراحة، وتقدّم معناها في "كتاب الطهارة". (٤) ثامنوني؛ أي: اذكروا لي ثمنه؛ لأذكر لكم الثمن الذي أختاره، قال ذلك على سبيل المساومة. "فتح". (٥) خَرِب؛ قال القاضي: رُوِّيناه هكذا؛ ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح، وهو ما تخرّب من البناء. "شرح النووي". (٦) العِضادة -بكسر العين-: هي جانب الباب. (٧) أخرجه البخاري: ٤٢٨، ومسلم: ٥٢٤.