وبهذا الاعتبار يمكن أن يقالَ في إرشاده تعالى إلى هذه الخصال التي هي في مرتبة التحسين والتزيين للهيئة الظاهرة، وبروزها فيما تَقبله النفوس، وتُقبل عليه القلوب، مثلُ هذا.
الثانية والعشرون: في هذا الحديث من أنواع البديع نوعُ المُطابقة وهو اشتمال الكلام على الضِّدين على الاصطلاح المشهور، وذلك [في](١) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قصُّ الشارب وإعفاءُ اللحية"، فإن الإعفاءَ ضدُّ القص.
وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في هذا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أحفُوا الشواربَ، وأعفُوا اللِّحى"(٢)؛ وسيأتي ذكره عند الكلام على التعارض بين القص والإعفاء، وكذلك روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه أمرَ بإحفاءِ الشواربِ، وإعفاءِ اللحى (٣)؛ وكذلك الرواية الأخرى في حديثه:"خالفُوا المشركينَ؛ أحفُوا الشواربَ، وأوفُوا اللِّحى"(٤)؛ فإن في ذلك كلِّه مع المطابقة نوعاً من أنواع المُجانسة، فإنها بالنسبة إلى اتفاق الوزن والتركيب واختلافهما أربعةُ أنواع:
اتفاق الوزن واتفاق التركيب؛ كالإنسان يراد به إنسان العين، والإنسان يراد به الآدمي.
واتفاق الوزن واختلاف التركيب بحرف واحد، وهو ما نحن فيه من:"أحفوا" و "أعفوا"، وكذلك الخيل والخير في لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(١) سقط من "ت". (٢) تقدم تخريجه. (٣) رواه مسلم (٢٥٩/ ٥٣)، كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة. (٤) تقدم تخريجه.