والدليلُ على التقدُّمِ حديثُ الزهري، عن سالم، عن أبيه: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمرَ كانوا يمشون أمامَ الجنازةِ (١).
وقد قيل: إنَّه محمولٌ على الجواز، وليس فيه بيانُ الأفضل، ومجرَّدُ الفعل يدل على الأفضليَّة إذا لم يعارضْهُ معارِضٌ أقوى منه، [إلا أنَّ حديثَ الزُّهْرِيِّ هذا اختُلِفَ في رفعه ووَقْفِهِ، وبعضُ أكابر المحدثين يرجّحُ الوقفَ، ويجعلُ الرفعَ وهمًا](٢).
الثامنة والثلاثون: لا بدّ في اتِّباع الجنازة من النِّيَّة والقصدِ لأَنْ يكونَ لأجل الجنازة، فلو مشى في حاجة له خلفَ الجنازة، أو أمامها، لم يكن متَّبعًا، إما لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمالُ بالنيَّات"(٣)، أو لأنَّه المفهومُ والمقصودُ من الاتباع قطعًا بالقرائن، فلا يحتاج إلى دليلٍ من خارج.
(١) رواه أبو داود (٣١٧٩)، كتاب: الجنائز، باب: المشي أمام الجنازة، والنسائي (١٩٤٤)، كتاب: الجنائز، باب: مكان الماشي من الجنازة، والترمذي (١٠٠٧)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة، وابن ماجه (١٤٨٢)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة. قال الترمذي: وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح، وقال النسائي: هذا خطأ - أي: كونه موصولًا - والصواب مرسل. وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٢/ ١١١). (٢) سقط من "ت". (٣) تقدم تخريجه.