الحقيقةُ في مُسمَّى الرأس مع سلامته عن معارضة دخول الباء، فمَن زعم من الأصوليين (١): أنَّ {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] مُجمَلٌ، فمُقتضَى ظاهر هذا الحديث: أنَّ المرادَ مسحُ الجميع، قد يُدَّعَى أنَّهُ بيان للمُجمَلِ؛ كما زعموا في قوله:{إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة: ٦]: أنَّهُ مُجْملٌ بالنِّسبَةِ إلَى دخول المرفقين وعدم دخولهما، يبيِّنُهُ: أنه - صلى الله عليه وسلم - أدارَ الماءَ علَى مرفقيهِ، لكنا لا نرغبُ في هذا لوجهين:
أحدهما: أنَّ المختارَ في علم الأصول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] ليس بمُجمل (٢)؛ لأنه لا يخلو أنْ يثبتَ عُرْفٌ في ظهور استعماله في بعضٍ؛ أي: بعضٍ كان، أو لا، فإن ثبتَ فلا إجمالَ؛ لأنَّ المرادَ حينئذ البعضُ؛ أي: بعضٌ كان، وإنْ لمْ يثبتْ فلا إجمالَ أيضًا؛ لأنَّ الباءَ [فيه](٣) للإلصاق، والرأسُ حقيقةٌ في كله، فيكون المرادُ كلَّه.
والثاني: المطالبةُ بكون هذا الفعل وقع بيانًا، فإنه ليس كلُّ فعل كذلك.
الثلاثون: اختلف الناسُ في وظيفة الرِّجل، والمنقولُ فيه (٤) أربعةُ مذاهبَ:
(١) وهم بعض الحنفية. (٢) انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ٢٤٥)، و"الإحكام" للآمدي (٣/ ١٧)، و"البحر المحيط" للزركشي (٥/ ٧١). (٣) زيادة من "ت". (٤) "ت": "فيها".