فإن قلنا: إنَّ الرسل - عليهم السلام - لا يجتهدون في الأحكام، فالكلامُ على حقيقته وظاهره.
وإن قلنا: إنهم عليهم السلام يجتهدون، فالأحكامُ منزلة بواسطة إنزال ما يقتضي الحكم بالاجتهاد (١)، كما ذكر عبد الله بن مسعود: أنّ لعنه الواصلة والمستوصلة في كتاب الله تعالى، فلما أُنكِر ذلك أحال على قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر: ٧] مع لعنةِ الرسول عليه السلام الواصلة والمستوصلة (٢)، فجعل ذلك في الكتاب بواسطة الأمر بأخذ ما آتاه الرسول.
(١) الجمهور على جواز الاجتهاد لنبينا - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء، وهو المختار كما قال ابن الحاجب والآمدي وغيرهما. انظر: "الأحكام" للآمدي (٤/ ١٧٢)، و"الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي (٣/ ٢٤٦). (٢) رواه البخاري (٤٦٠٤)، كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] ومسلم (٢١٢٥)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، وليس عندهما ذكر "الواصلة والمستوصلة" في الحديث. نعم رواه البخاري (٤٦٠٥)، كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] وفيه ذكر "الواصلة" فقط.