دليلٌ آخرُ غيرُ الدليلِ المأخوذِ من غسلِ الإناء مِنهُ.
الرابعة والسبعون: ظاهرُ الأمر الوجوبُ، فيقتضي وجوبَ الإراقةِ، والَّذِي قدَّمْناه من الفرقِ بين الماء والطعام، إنْ كَان المرادُ مِنهُ أنَّهُ (١) لا يجوزُ إراقةُ الطعام، ففيهِ مخالفةٌ [ظاهرةٌ](٢) قويةٌ للظاهر، وإنْ كَان المرادُ مِنهُ أنَّهُ يجوز عدمُ الإراقة وإبقاؤُهُ، فهو أقربُ من الأولِ لاحتمالِ أنْ يُحمَلَ الأمرُ علَى الاستحبابِ.
الخامسة والسبعون: حكَى المَاوَردِيُّ عن الشَّافِعيِّ - رحمة الله عليهما - أنَّهُ قالَ: وعليه أنْ يُهريقَهُ.
قالَ: فاختلف (٣) أصحابُنَا؛ هلْ إراقتُهُ واجبةٌ، والانتفاعُ به مُحرَّمٌ؟
فذهب بعضُهُم إلَى التمسُّكِ بظاهر هذا الكلام، وأوجبَ إراقتَهُ، وحرَّمَ الانتفاعَ به استدلالًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا وَلَغَ الكَلبُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَأَرِيقُوهُ"(٤)، ولأنَّهُ لمَّا كان الانتفاعُ بأجزاء الكلب كلِّها حرامًا، كان الانتفاعُ بما نفذت (٥) إليه نجاستُهُ حرامًا.
(١) "ت": "أن". (٢) سقط من "ت". (٣) "ت": "واختلف". (٤) لفظ الحديث: "فليرقه"، فليتبنه لذلك. (٥) "ت": "تعدت".