وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في رواية:"فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسرِينَ ولمْ تُبْعَثُوا مُعَسرِينَ"(١) أظهرُ في التعليلِ، واحتمالُ أنْ يكونَ (٢) مراعاةً لمصلحةِ بدنِهِ وصونًا له عن الضررِ المُحتمَلِ علَى تقدير القطع، [فهو](٣) معنى مناسبٌ [أيضاً](٤)، والحكمُ علَى وِفْقِهِ، فيكونُ عِلَّةً علَى ما قَرَّرُوهُ، وليسَ يمتنعُ أن يكونَ (٥) جميعُ المعاني مُعتبَراً (٦)، إمّا علَى سبيل الاستقلال، أو علَى سبيل الجُزئية؛ أعني: أن تكونَ جُزءَ عِلَّةٍ.
التاسعة: ويكونُ الحديثُ أصلًا في الرفقِ بالجاهل، واللطفِ في تعليمه، واستمالةِ قلبِهِ للحقّ.
العاشرة: فيهِ المُبادرةُ إلَى إزالةِ المفسدةِ عندَ زوال المانع من إزالتها، وذلك من قوله في الحديث:"فلمّا قَضَى بولَهُ أَمَرَ بِذَنُوبٍ"، والقواعدُ تقتضيه، فإنَ المانعَ إذا زالَ، وجبَ إعمالُ المُقتضي.
الحادية عشرة: قولُ الرّاوي: "أَمَرَ" تعبيرٌ عن أمرِه - صلى الله عليه وسلم -، لا حكايةٍ للفظِه، وهو حجةٌ علَى المُختارِ في علم الأصول؛ لأنَّ علمَهُ باللغةِ
(١) رواه البخاري (٢١٧)، كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢) "ت": "وأما الاحتمال الأول وهو أن يكون". (٣) زيادة من "ت". (٤) سقط من "ت". (٥) "ت": "تكون". (٦) "ت": "معتبرة".