أحدها: أن يقصدَ المشمّت الدعاءَ، فهذا يكون ممتثلًا جزمًا، آتيًا بما أُمِر به.
وثانيها: أن يقصِدَ صرفَه إلى الخبر، فهذا لا يكون ممتثلًا على مقتضى ما قلناه، وأنَّ كونَه دعاءً داخلٌ (١) تحت الأمر (٢).
وثالثها: أن يُطْلِقَ اللفظَ إطلاقًا، ولا يحضرُهُ بعدُ أَنّه قصد الدعاء أو الخبر، فمقتضى ظاهرِ الحديث الاكتفاءُ به؛ لأنَّه قد أتى بما أُمِرَ به، وهو قوله:"يرحمك الله".
ففيه دليلٌ على أنَّ اللفظَ عند الإطلاق وعدم الاستحضارِ لنية التخصيص بعدهُ، يُحمل على ما الغالب إرادتُه؛ لأنه لو لم يكن كذلك؛ أعني: أنه (٣) لا يكونُ الأصلُ حملَه على ما الغالب إرادته، لَمَا اكتفى بقوله:"يرحمك الله" في هذه الصورة؛ [لأنّه لم يكُ آتيًا بما دخل تحت الأمر، وهو الدعاء](٤)، لكنه اكتفى به عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليقل: يرحمك الله"، والإتيانُ بالمأمورِ به يقتضي الإجزاءَ.
الحادية والسبعون: فإذا تقرر هذا جاءك تحت هذا مسائلُ من
(١) في الأصل: "داخلًا"، والمثبت من "ت". (٢) أي: الذي يعتمد الإخبار، لا الدعاء، لا يكون آتيًا بما أمر به من تشميت العاطس؛ بناءً على أن أمر الشارع يتحقق بالدعاء للعاطس، فلفظ: "يرحمك الله"، مأمور به، ومأمور بأن يراد به الدعاء. (٣) في الأصل "أن"، والمثبت من "ت". (٤) سقط من "ت".