أحدهما: أن اهتمامه بنفسه ليردعَها بعد وجود الداعي إلى الفعل أولى، فإنه أقدر على الصبر والانتفاع بموعظة نفسه من اقتداره على انتفاع غيره بوعظِهِ.
والثاني: أن فيه تعريضًا لسابِّه بأنه فَعَلَ خلافَ مقتضى عبادتِه، فكأنَّه يقول: أنا صائم فأتركُ ما لا (١) ينبغي، لا كما فعلت أنت من ترك ما ينبغي مع كونك صائمًا، وهذا كما تقول لمن تريد عَتَبَه عند محاورته:[و](٢) أنا أخاف الله؛ تعريضًا له بأنه لا يخافه بالمعصية، والله أعلم.
الثالثة والعشرون: قوله - عليه السلام - في هذا الموضع، وفيما لا يحصى من المواضع:"والَّذِي نفسُ محمدٍ بيدِهِ"، أو "والذي نفسِي بيدِهِ"، مقصودُهُ: تأكيدُ الإخبار بالقسم، وهذه فائدة القسم كله، ولكن يُحتاجُ إلى فائدة تخصيص هذا القسم المخصوص (٣)، وهو قوله - عليه السلام -: "والذي نفس محمد بيده"، وفائدتُهُ: ضمُّ التأكيد في وقوع المخبر عنه بمطلق القسم، إلى التأكيد بالصدق في الإخبار بذكر كون النفس بيده وقادر عليها، فتأمله.
الرابعة والعشرون: لا تغفلَنَّ عن تفضيلِ الخُلوف على أطيب الطيب؛ كما جاء في الحديث:"وهو أطيب الطيب"(٤)؛ يعني:
(١) في الأصل: "كما"، والمثبت من "ت". (٢) ذيادة من "ت". (٣) "ت": "المخصص". (٤) رواه مسلم (٢٢٥٢)، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: استعمال =