الخامسة والأربعون: اشتُهِر بينَ الفقهاء حديث: "أُحِلَّتْ لنا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَالمَيْتَتَانِ السَّمَكُ والجَرَاد"(١)، فإذا نظرنا إلى هذا مع عموم قولهِ عليه السلام:"الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"، كان هذا اللفظُ عاماً، لكن قولَه:"أُحِلَّتْ لنا مَيْتَتَانِ"، وتعيين الميتتين [في السمك والجراد مما يَظهرُ فيه التخصيصُ، وتعيينُ الميتتين](٢) في هذين المذكورين، فيُشْكِلُ عليه مذهبُ عامةِ الفقهاء في عدم تخصيصِ الحِلّ بالسمك، إلا أن يُدَّعَى في بعض ما يقالُ بحلِّه أنَّ السمكَ ينطلقُ عليه.
وقد قيل: إن الخلافَ في تحريم ما له نظيرٌ محرَّمٌ في البر يُبنىَ (٣) على هذا؛ أعني: أنه هل يُسمَّى سمكاً، فيؤخَذُ [حلّه](٤) من اللفظ - المقتضي (٥) تجليلَ ميتة السمك، أم لا؟
(١) رواه ابن ماجه (٣٢١٨)، كتاب: الصيد، باب: صيد الحيتان والجراد، والإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٣٤٠)، وفي "الأم" (٢/ ٢٣٣)، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٩٧)، وغيرهم، من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، مرفوعاً؛ بإسناد ضعيف. قال الدارقطني في "العلل" (١١/ ٢٦٧): الموقوف هو الصواب. وكذا صحح البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٥٤) الوقف، وقال: وهو في معنى المسند. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٢٦): لأن قول الصحابي: "أحل لنا"، و"حرم علينا كذا". مثل قوله: "أمرنا بكذالا، و"نهينا عن كذا"، فيحصل الاستدلال بهذه الرواية؛ لأنها في معنى المرفوع، والله أعلم. (٢) زيادة من "ت". (٣) "ت": "ينبني". (٤) سقط من "ت". (٥) "ت": "المسمى".