الثانية: فسكبتْ له وَضوءاً؛ أي: صبَّتْهُ، قالَ الله تعالَى:{وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}[الواقعة: ٣١]؛ أي: مصبوب، ومن مَجاز هذه اللفظة فَرَسٌ سَكْبٌ، كأنَّ شدةَ جَريِهِ كَسَكْب الماء، فهو سَكْبٌ (١)، [و](٢) كذلك ثوب سَكْبٌ، يُشَبَّهُ بالمُنْصَبِّ لدِقَّتِهِ ورِقَّتِهِ، كأنَّهُ ماءٌ مَسْكوب، ودمعٌ ساكِبٌ؛ إمَّا بمعنَى مَسْكوب، وإمَّا تصويراً (٣) له بصورة الفاعل (٤).
الثالثة: المشهور أنَّ الوَضوءَ - بالفتحِ - هو الماء، وبالضمِّ: المصدر الَّذِي هو الفعل (٥)، قالَ سِيبَوَيْه - رحمه الله تعالَى - في بابِ ما جاء من المصادرِ علَى (فُعُول): وذلك قولك: توضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً (٦)، [وتطهَّرْتُ طُهُوراً حسناً](٧).
وذكر بعضُ المُتكلمين عليه: أنَّهُ شذَّ في هذا الباب خمسةُ مصادر فجاءت علَى هيئة الاسم (٨)، وكان الوجهُ فيها أنْ تكونَ مضمومةَ الأول،
(١) "ت": "يسكب". (٢) سقط من "ت". (٣) "ت": "أو تصوير" بدل "وإما تصويراً". (٤) "ت" زيادة: "باعتبار دفع بعض أجزائه لما بين يديها". وانظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: ٤١٦)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله. (٥) "ت": "الفاعل". (٦) انظر: "الكتاب" لسيبويه (٤/ ٤٢). (٧) سقط من "ت". (٨) قال الزبيدي: والفَعولُ في المصادر - بالفتح - قليلٌ جدًّا غيرَ خمسَةِ أَلفاظٍ فيما =