فلْيستنثِر" (١)، وفي ذلك ما يدل على طلب تحصيل أمر يقتضي زوالَ ما لعلَّه علق بالأنف مما يُحتاج إلى إزالته، ولا يكفي فيه مُجرَّدُ نزولِ الماء.
الخامسة عشرة: هذه التزيينات للخلقة، ونفي ما تنبو الطباعُ عن رؤيته تحسينٌ للظاهر (٢)، ولعلك أن تفهمَ إشارةً إليه من قوله تعالى:{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}[غافر: ٦٤] فإنه يناسب الأمرَ بما يزيد في هذا، والإبعادَ لما ينافيه ويشوهه، وكأنه يقال: قد حسَّنتُ صورَكم فلا تشوِّهوها بما يُقَبِّحُها.
ويدخل هذا في جميع التحسينات التي ندب إليها الشرع، ونحن لا نخص قوله تعالى:{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}[غافر: ٦٤] بالظاهر فقط، فإن الإحسانَ في التصوير راجعٌ إلى الصورة الظاهرة والباطنة معاً، ولعلك أيضاً أن تفهمَ مثل هذا المعنى من قوله تعالى حكاية عن إبليس:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء: ١١٩]، فإن إبقاء ما يشوِّهُ الخلقة ويقبحها تغييرٌ لها من وجهٍ؛ كونُهُ تغييراً لحُسنها، ونبَّه على هذا ذمُّ المغيِّرات لخلق الله (٣)، والله أعلم.
(١) رواه البخاري (١٥٩)، كتاب: الوضوء، باب: الاستنثار في الوضوء، ومسلم (٢٣٧)، كتاب: الطهارة، باب: الإيتار في الاستنثار والاستجمار، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢) "ت": "الظاهر". (٣) كما جاء من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات =