قال السَّفاقسي شارح "البخاري": واختلف أصحابُ مالك في تأويل قول مالك: إن تفريقَ ذلك أولَى، علَى وجهين:
أحدهما: أنَّ الأفضلَ عنده أنْ يأتيَ بمضمضةٍ واستنثار في غَرفة واحدة، ثم يأتي بهما في ثانيةٍ، ثم في (١) ثالثةٍ، يفعلُ ذلك في ثلاث غرفات.
والثاني: أنْ يأتيَ بالمضمضةِ علَى النسقِ في ثلاث غرفات، ثم يأتي بالاستنثارِ علَى نسق في ثلاث غرفات، فيأتي بهما في ست غرفات.
وذكر مالك في "موطَّئِهِ": - أنَّهُ لا باسَ به من غرفة واحدة (٢)؛ يعني: التمضمض والاستنثار.
قالَ السفاقسي: وهو يحتمل أنْ يريدَ أنْ يفعلَ المضمضةَ [كلَّها](٣)، والاستنثارَ كلَّهُ من غرفة واحدة، [ويأتي بالمضمضةِ والاستنشاق في غرفة واحدة](٤)، فيأتي بهما في ثلاث غرفات.
الثامنة والخمسون: المرجَّحُ عندَ الشافعية - أو بعضِ مصنفيهم -: أنَّ الفصلَ أفضل (٥)، وقد ذكرنا أنَّ أحاديثَ "الصحيح" تقتضي الجمعَ،
(١) في الأصل: "في في" بدل "ثم في"، والتصويب من "ت". (٢) انظر: "الموطأ" (١/ ١٩). (٣) زيادة من "ت". (٤) زيادة من "ت". (٥) انظر: "فتح العزير" للرافعي (١/ ٣٩٨)، و"روضة الطالبين" للنووي (١/ ٣٢٨).