قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوانَنَا" فيه دليل على جواز التَّلَفُّظِ بالوَدَادَةِ، فيما لا يقع بسبب ما يتعلق بذلك من الفائدة بإظهار التعظيم والشرف أو غير ذلك، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ في سَبِيْلِ اللهِ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلَ"(١) إظهارًا لشرف الجهاد والقتل في سبيل الله، وكذلك يكون تمني النبي - صلى الله عليه وسلم - لرؤية مَنْ يأتي بعدَه، فيه من الشرف وإظهار المنزلة أمرٌ عظيم.
الأربعون: الظاهر أن هذا التمنِّي لرؤيتهم في حال الحياة، ونَقَلَ قومٌ أن المرادَ تمني لقائهم بعد الموت (٢). وهذا عندي (٣) ليس بالمتين.
الحادية والأربعون: قال بعضهم: في هذا الحديث جوازُ التمنِّي، لاسيَّما في الخير، ولقاء الفضلاء، وأهل الصلاح، والله أعلم (٤).
الثانية والأربعون:"وَدِدْتُ لَوْ أَنَّا رَأَيْنَا" يحتمل أن تكون النون
(١) رواه البخاري (٣٦)، كتاب: الإيمان، باب: الجهاد من الإيمان، ومسلم (١٨٧٦)، كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، من حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -. (٢) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٢/ ٤٨). (٣) في الأصل: "تمني"، والمثبت من "ت". (٤) المرجع السابق، الموضع نفسه.