وقد اعتبرَ الفقهاءُ مثلَ هذا في بابِ النفقاتِ؛ فلم يجعلوا نفقةَ المرأةِ كنفقةِ خادمِها، ومنهُم من يخالِفُ في النفقاتِ بين أحوالِ الزوجاتِ أيضاً، ففي بابِ الإيذاءِ أولَى.
الثانيةُ والثلاثون: قد يُتوهَّمُ من: "كَمَا تَضرِبُ أُمَيَّتَكَ (١) " والتفرِقَةِ بينَهُ وبين ضربِ الظعينةِ في النهي، جوازُ ضربِ الإماء.
قالَ الخطابي في هذا المعنى: لا يوجبُ إباحةَ ضربِهِم، وإنما جرَى ذِكرُ هذا علَى طريقِ الذمُّ لأفعالهِم، ونهاهُ عن الاقتداءٍ بها، وقد نهى - عليه السلام - عن ضربِ المماليكِ إلا في الحدودِ، وأمرَ بالإحسانِ إليهِم، وقالَ:"مَنْ لم يوافِقْكُم منهُم فبيعوهُ، ولا تُعذِّبُوا خَلقَ الله"(٢).
قال (٣): وأمَّا ضربُ الدوابَّ فمباحٌ؛ لأنها [لا](٤) تتأدَّبُ بالكلامِ، ولا تعقلُ معنى الخطابِ كما يعقلُ الإنسانُ، وإنما يكونُ تقويمُها
(١) في الأصل: "أمتك"، والمثبت من "ت". (٢) رواه أبو داود (٥١٥٧)، كتاب: الأدب، باب: في حق المملوك، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٦٨)، من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - بلفظ: " .. ومن لا يلائمكم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله". وأصل الحديث في "الصحيحين" بغير هذا اللفظ. (٣) في الأصل بياض، والمثبت من "ت". (٤) سقط من "ت".