الأربعون بعد المئتين: إذا قلنا: إن الكافر مخاطَبٌ بالفروع، فهل يُخص من نصرة المظلوم حتى يمتنعَ عليه ذلك في حق المسلم؟
هذا قد تُكلم فيه في (١) باب الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر، وقيل فيه: إنَّ الكافر إنْ مَنع المسلمَ بفعله، فهو تسليط عليه، فيمنع (٢) من حيث إنه تسلُّطٌ، وما جَعَلَ اللهُ للكافرين على المؤمنين سبيلاً.
وأما مجرد قوله:"لا تزنِ"، فليس محرَّمًا عليه من حيث إنه نَهْيٌ عن الزنى، ولكن من حيث إنه إظهارُ دلالةِ الاحتكام على المسلم، وفيه (٣) إذلال للمتحكَّم (٤)[عليه](٥)، والفاسقُ يستحق الإذلال، لكنْ لا من الكافر الذي هو أولى بالذلِّ منه، فهذا وجهٌ منعنا (٦) إياه من الحسبة، وإلا فلسْنا نقول: إنَّ الكافر يعاقَب بسبب قوله: "لا تزنِ" من حيث إنه نهي، بل نقول: إذا لم يقل: "لا تزِن"، يعاقب (٧) إن رأينا خطابَ الكفار بفروع الدين، وفيه نظر.
(١) في الأصل: "من"، والمثبت من "ت". (٢) في الأصل: "فيمنعه"، والمثبت من "ت". (٣) "ت": "في". (٤) في المطبوع من "إحياء علوم الدين" وعنه نقل المؤلف هنا: "للمحتكم". (٥) زيادة من "ت". (٦) في الأصل: "منعناه"، والمثبت من "ت". (٧) "ت": "يعاقب عليه".