وإنما قلنا: إنه يكون دافعًا لما قالوه، أو معنى ذلك؛ لأن ذلك يُبطل الترغيبَ بذكر الجزاء على الأعمال، مع أن المعنى عليه جزمًا.
وهذا في ألفاظ الشرع كثير جدًا، [نعم](١) لو قيل: إن غيرَه أعلى منه، فقد يسلم ذلك، وأما أن يكون هذا في محلّ الذم والاستكراه، فلا.
الثامنة: في رواية وكيع، عن الأعمش:"الصومُ لي، وأنا أجزِي بهِ، يدع شهوتَهُ (٢) وطعامَهُ من أجلِي"(٣).
وهذه الجملة التي هي؛ "يدع شهوتَهُ وطعامَهُ من أجلِي" تقتضي التعليل بها لما سبقها؛ أي: تقتضي تعليل ترتيب الجزاء على هذا الأمر؛ أعني: ترك الشهوة والطعام لأجل الله تعالى، [والجمل](٤) قد تفيدُ معنى التعليل كثيرًا.
التاسعة: وصفُ العام بالخاص غيرُ جائز، وبعبارة (٥) المنطقيين: حملُ الخاص على العام غيرُ سائغ، فلا يقال: الحيوان إنسان، وإطلاق العام لإرادة (٦) الخاص مجاز، لا [على](٧) سبيل الحقيقة (٨).
(١) زيادة من "ت". (٢) "ت": "شهواته". (٣) وهي رواية مسلم المتقدم تخريجها برقم (١١٥١/ ١٦٤) عنده. (٤) زيادة من "ت". (٥) "ت": "وعبارة". (٦) في الأصل: "على"، والمثبت من "ت". (٧) زيادة من "ت". (٨) انظر: "البرهان في أصول الفقه" للجويني (٢/ ٧٧٣).