الاستفصال مع قيام الاحتمال، وقد يَرِدُ على هذا ما يرد على تلك القاعدة من جواز عِلْمِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالواقعة (١)، وجوابُهُ عنها على حسب علمه، إلا أنه هاهنا ضعيفٌ؛ لأنه حَكَمَ على عموم الماء بأنه لا يجنب، ولم يحكم على خصوص ما سئل عنه، وهذا أمر زائد.
السادسة: الذين يرونَ أنَّ المستعملَ غيرُ طهور يعتذرون عن الحديث بوجهين:
أحدهما: ما قدَّمناه من أمر رواته (٢) على مذهب مَنْ لا يرى الاحتجاجَ بِسِمَاك أو عكرمة، وجوابُهُ ما تقدم من مقتضيات التصحيح.
وثانيهما: حملُ لفظةِ (٣)(في) على معنى (من)، وأن الاغتسالَ كان منها لا فيها، ومخالِفُهم يتمسك بالحقيقة، وقد يُقوَّى تأويلُهم برواية مَنْ رواه بلفظةِ (من)، وذكر الحافظ أبو حاتم بن حبان: أن أبا الأحوصِ انفردَ بهذه اللفظة (٤)، [واللفظة؛ يعني: لفظة (في)] (٥).
(١) "ت": "بتلك الواقعة". (٢) في "الأصل": "راويه"، والمثبت من "ت". (٣) "ت": "لفظ". (٤) انظر: "صحيح ابن حبان" (٤/ ٧٣)، حديث رقم (١٢٦١). قلت: وقد روى الدارمي في "سننه" (٧٣٤)، من حديث يحيى بن حسان، عن يزيد بن عطاء، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قامت امرأة من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلت في جفنة من جنابة ... ، الحديث. وقال: أخبرنا عبيد الله، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وانظر: "الإمام" للمؤلف (١/ ١٣٥ - ١٣٦). (٥) سقط من "ت".