الخامسة: في قاعدة حروف الجرّ: يسميها الكُوفيون صفاتٍ؛ لنيابتها عن الصفات، ويترجم على هذا: باب (١) دخول بعض الصفات على بعض؛ أي: كون معنى هذا الحرف بمعنى هذا.
قال أبو محمد بن السِّيْد الأندلسيُّ - رحمه الله تعالى -: هذا الباب أجازَه قومٌ من النحويين أكثرُهم كوفيون، ومنع منه آخرون أكثرُهم بصريون، وفي القولين جميعًا نظر؛ لأن من أجازه دون شرط وتقييد لزمه أن يُجيز: سرت إلى زيد، وهو يريد: مع زيد، قياسًا على قولهم: إن فلانًا لظريف عاقل إلى حسب ثاقب، أي مع حسب ثاقب، قال: ويلزمه أن يجيز: في زيد ثوب؛ أي: عليه، قياسًا على قول عنترة (٢)[من الكامل]:
بَطَلٌ كأنَّ ثيابَهُ في سَرْحَةٍ (٣)
وهذه المسائل لا يُجيزها مَنْ أجازَ إبدال الحروف.
ومن مَنع ذلك على الإطلاق لزمه أن يتعسَّف في التأويل [التعسُّفَ](٤) الكثيرَ، [وأورد](٥) في هذا الباب أشياء كثيرةً يبعد تأويلُها
(١) "ت": "الباب". (٢) في الأصل: "غيره"، والمثبت من "ت". (٣) انظر: "ديوان عنترة" (ص: ٦٥) من معلقته المشهورة، وعجزه: يُحذي نِعالَ السِّبْتِ ليس بتوْأَمِ (٤) سقط من "ت". (٥) "ت": "مما".