ولا (١) يلزمُ ما ادُّعيَ من إطلاق الاستنثارِ علَى الاستنشاق؛ لأنَّ لازمَ الشيء وجوداً لا يلزمُ أنْ يكونَ مدلولاً عليه باسم الملزوم لفظاً.
الثانية والعشرون: قد يُفهمُ من قوله: "مضمضَ، واستنثرَ ثلاثاً": أنَّ ذلك علَى سبيل الجمع بين المضمضة والاستنثار من حيثُ إيرادُ العدد المذكور علَى مجموع الأمرين، ولو افترقا لكان الأشبه أنْ يقول: ثلاثاً ثلاثاً؛ كما ادعي في قوله:"غَسَلَ يديه مرَّتين مرتين": أنَّهُ يقتضي الإفرادَ بكل واحدة منهما، ولأنه لو كان الواقعُ تفريقَهما لمْ يكنْ في لفظِهِ ما يدلُّ علَى ذلك، فيكون مُخِلًّا في حكاية (٢) الفعل الذي سُئِلَ عنه [بتقصيره في الدلالةِ علَى هذا التقدير عما سئل عنه](٣).
وهذا الذي ذكرناه من الحكايةِ عمن ادَّعَى أنَّ قوله:"مرتين مرتين" يقتضي الإفرادَ لكل (٤) واحدة من اليدينِ، [وقد ذكرنا فيما مرَّ: أنَّ هذا التكرارَ في المصدرِ وأسماء الأجناس والأعداد يدلُّ علَى ما ذكر، ويبقَى التأكيدُ اللفظيُّ](٥).
الثالثة والعشرون: قالَ أبو زكريا النووي: قوله: "ثمَّ أَدخلَ يدَهُ فاستخرجَهَا، فغَسَلَ وجهَهُ ثلاثاً"؛ هكذا وقع في "صحيح مسلم": "أدخلَ يدَهُ" بلفظ الإفراد، وكذا في أكثر روايات البخاري.
(١) في الأصل: "ما"، والمثبت من "ت". (٢) "ت": "حكايته". (٣) سقط من "ت". (٤) "ت": "فكل". (٥) سقط من "ت".