العشرون: المالِكيَّةُ يستدِلُّون بهذا التعليل بالطَّوفِ علَى طهارة الكلب، فإنَّ العلةَ موجودةٌ فيهِ عندَ العرب، وطوافُهُ علَى أهل البوادي منهم - وهم الأكثرون - أغلبُ من طواف الهِرَّة (١) عليهم، وهو في الحقيقةِ قياسٌ للكلب علَى الهرِّ، لكنهم يقولون: هو قياسٌ بعلةٍ وَقَعَ الإيماءُ إليها (٢)، وهو استدلالٌ جيِّدٌ، وطريقُ من يريد الجوابَ عنه أنْ يبينَ أنَّ نجاسةَ الكلبِ - أو سُؤْرَه - مُستندٌ إلَى النصّ، ويرجِّحُ دلالَةَ النَّصِّ عليه، وحينئذٍ يُصارُ إليه؛ لأنَّ الحكمَ المُستنِدَ إلَى النَّصِّ أقوَى من القياسِ، ولو كانت العلَّةُ قد أُومِئ إليها، وهناك يقع النظرُ بين الخصمين؛ أعني: في ترجيح دلالَة الأمر بغسل الإناء من الولوغِ علَى النَّجاسَة، علَى الَّذِي دلّ عليه [هذا](٣) النَّصُّ من الإيماءِ إلَى العلةِ المُقتضية للطهارة، والله أعلم.
الحادية والعشرون: الأصوليون يذكرون هذا الحديثَ في دلالَة التنبيهِ والإيماءِ إلَى التعليلِ؛ لأنَّهُ لو لمْ تكنْ علةً لمْ يكنْ ذكرُ الطواف مفيدًا، فإنَّهُ لو قَالَ: لأنَّها سوداء أو بيضاء لمْ يكنْ منظومًا، إذ (٤) لمْ يَرِدِ التعليلُ.
(١) "ت": "الهر". (٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١/ ٣٢٥)، و"مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٧٥). (٣) سقط من "ت". (٤) في الأصل: "إذا"، والمثبت من "ت".