الذي تمسكتَ به يدل على الاكتفاء والإجزاء، والذي استدللت به لا يدل على الوجوب؛ لأنَّ الفعل بمجرده لا يدل على الوجوب، فأحمله على الاستحباب، وهذا اعتراض ظاهرٌ.
التاسعة والعشرون: وربما احتج في المسألة بحديث محمد بن ثابت العبدي (١).
الثلاثون: من استدلالاتهم التي قد تُقام عذرًا في المخالفة: حديثُ أبي داود من رواية محمد بن ثابت العبدي، قال: حدَّثنا نافعُ قال: انطلقت مع ابنِ عمرَ في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابنُ عمر حاجته، وكان من حديثه يومئذٍ أنْ قال: مرَّ رجلٌ على رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - في سِكَّة من السكك، وقد خرج من غائط أو بولٍ، فسلَّم عليه، فلم يرد عليه، حتَّى [إذا] كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيديه على الحائط، ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلامَ، [و](٢) قال: "إنه لم يمنعني أنْ أردَّ عليك السلامَ، إلَّا أني لم أكن على طُهرٍ"(٣)، وهذا الحديث - وإن كان قد
(١) جاء على هامش الأصل و "ت": بياض. قلت: وسيأتي ذكر حديثه في الفائدة الآتية. (٢) زيادة من "ت". (٣) رواه أبو داود (٣٣٠)، كتاب: الطهارة، باب: التَّيمم في الحضر. قال المؤلف رحمه الله في "الإمام" (٣/ ١٤٥): ورُدَّت هذه الرواية بالكلام في محمد بن ثابت؛ فعن يَحْيَى بن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ليس =