العشرون: يتلخصُ من هذا بعد الحمل للأمة علَى الأتباعِ ثلاثة أقسام:
أحدها: أنْ يكونَ لأصحاب الإيمان الحقيقي الموافين عليه.
والثاني: أنْ يكونَ لهم وإنْ لمْ تقعِ الموافاة.
والثالث: أنْ يكونَ لِمَنْ ظاهرُه الإيمانُ.
فأما القسم الأول: فلا شك في حصول هذه العلامة لهم، بسبب الوضوء.
وأمَّا الثَّاني والثالث: فقد أجاز بعضهم أن تكون لهم هذه العلامة، فقال: يحتمل أن المنافقين والمرتدين وكل من توضأ منهم مسلماً يُحشر بالغرةِ والتحجيل، ولذلك يدعوهم النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، ولو لمْ يكونوا بِسِيْمَا المسلمين لمَّا دعاهم، فإذا علم أنهم بدلوا قالَ:"فسحقاً"، انتهَى (١).
وهذا الدعاء الذي أشارَ إليه موجودٌ في حديث مالك وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليُذَادَنَّ رجالٌ عن حَوضي، أُناديهِم أَلاَ هَلُمَّ"(٢)، وحاصل ما قالَ: أنَّهُ لو لمْ تكنْ لهم هذه العلامة لما نودوا؛ لأنَّهُم حينئذٍ يكون انتفاؤها دليلاً علَى الخروجِ عن الملةِ فلا ينادون، لأنَّه لا ينادَى إلَّا من هو من
(١) انظر: "المنتقى في شرح الموطأ" للباجي (١/ ٧٠). (٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٢٨). وتقدم تخريجه عند مسلم برقم (٢٤٩/ ٣٩).