يقع ذلك المظنون، وإلا فقد يقع، ولا يكاد يوجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن، وتأمّل هذه الآية، وتأمّل قول دريد (١):
فقلتُ لهم ظنُوا بألفي مُدَجَّجِ (٢)
الثانية: يراد بالتلطُّف (٣) ها هنا، طلب الطريق الموصلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في خفاء وتحرُّزِ من مفسدةِ الإظهار، ومنه:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ}[الكهف: ١٩] وقد يستعمل اللطفُ في تهيئَةِ الأسباب الخفية لوقوع الشيء وتيسيره {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}[يوسف: ١٠٠]، وبهذا يظهر لك معنى التعدية باللام، والفرقُ بينها وبين التعدية بالباء.
الثالثة: قوله: "جراءٌ عليه قومُه"، قد روي في هذه اللفظة غير ذلك، فذكر بعض الشارحين فقال: قوله "جُرَاء عليه قومُه" هكذا هو في جميع الأصول - جُراء بالجيم المضمومة جمع جَريْء بالهمزة (٤) - من الجُرأَةِ، وهي الإقدام والتسلُّط، قال وذكره الحميدي في "الجمع بين الصحيحين": حِراء بالحاء المهملة المكسورة، قال: ومعناه
(١) في الأصل و "ت": "ابن دريد"، والصواب ما أثبت، وهذا صدر بيت لدريد بن الصمة، كما في "ديوانه" (ص: ٦٠) وعجزه: سراتُهم في الفارِسيِّ المُسرَّد (٢) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٥٢٤). (٣) في الأصل: "التلطف"، والمثبت من "ت". (٤) "ت": "بالهمز".