قلت: يجوز عندي في قوله تعالى: {بَعْدَ أُمَّةٍ} أن يرجعَ على المدة المتراخية من الزمان تشبيهاً لأجزاء (١) المدة بآحاد المدة.
وإذا أضيف (٢) الأمة إلى الرسول، أريد بها من هو على دينه وطريقته؛ كما في هذا الحديث:"على أمَّتِي"، وإذا لم يُضفْ احتمل أن يراد به أهل الزمن؛ كقوله - عليه السلام -: "لا يسمع بي أحدٌ منْ هذهِ الأمةِ؛ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثمَّ لم يؤمنْ بي، وبما جئتُ به، إلا كانَ من أهلِ النار"(٣)؛ أو (٤) كما قال.
الرابعة: الأمر يُطلق ويُراد به الصيغة المخصوصة، ويطلق ويراد به الفعل والشأن، فقيل: مشترك، وقيل: كالمشترك، وقيل: هو حقيقة في القول المخصوص، وهو الأقرب؛ لسبقه إلى الفهم عند الإطلاق (٥).
وقال الراغب: لفظ (الأمر) عامٌّ في الأفعال والأقوال كلها، وعلى ذلك يرجع قوله تعالى:{وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}[هود: ١٢٣]، وقال
= وإسناده حسن، وانظر: "مجمع الزوائد" (٩/ ٤١٦). وانظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: ٨٦ - ٨٧). (١) في الأصل: "لآخر"، والمثبت من "ت". (٢) في الأصل و "ت": "وآحاد صنف"، ولعل الصواب ما أثبت. (٣) رواه مسلم (١٥٣)، كتاب: الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٤) في الأصل: "و"، والمثبت من "ت". (٥) انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصبهاني" (٢/ ٧).