قال ابن جِنِّي: فهذا حكم تشديد الميم عندي، وهو أقوى من أن تجعلَ الكلمةُ من ذوات التضعيف بمنزلة (همٍّ) و (حمٍّ).
[قال](١): فإن قلت: فإذا كان أصل (فم) عندك (فوه)، فما تقول في قول الفرزدق [من الطويل]:
هُمَا نَفَثَا فِي فِيَّ من فَمَويهِما ... على النَّابِحِ العَاوي أشَدُّ رِجَامِ (٢)
وإذا كانت الميم بدلًا من الواو التي هي عين الكلمة، فكيف جاز له الجمع بينهما؟!
فالجواب: أن أبا عليٍّ حكى لنا، عن أبي بكر وأبي إسحاق: أنهما ذهبا إلى أن الشاعر جمع بين العِوَض والمُعَوَّض منه؛ لأن الكلمة مجهورة منقوصة.
وأجاز أبو علي فيها وجهًا آخر؛ وهو: أن تكون الواو في (فمويهما) لامًا في موضع الهاء (٣) من أفواه، وتكون الكلمة تعقبت عليها (٤) لامان، هاء أُخرةٌ (٥) وواو أخرى، فجرى هذا مجرى (سَنَة) و (عِضَة)، ألا ترى أنهما في قول سيبويه: سَنَوات، وأسنُّوا (٦)،
(١) سقط من "ت". (٢) انظر: "ديوانه" (٢/ ٢١٥)، ووقع في الديوان: "هما تَفَلا". (٣) "ت": "الفاء". (٤) "ت": "فيها". (٥) في المطبوع من "المحكم": "مرة" بدل "أخرة". (٦) "ت": "أسنو".