فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذكرته أن التشديد في فم [عارض](١) ليس من نفس الكلمة، فمن أين أتى هذا التشديد، وكيف وجه دخوله إياها؟
فالجواب: أن أصل ذلك أنهم ثقَّلوا الميم في الوقف، فقالوا: فمّ؛ كما يقولون: هذا خالدّ، وهو يجعل في أنهم أَجْروا الوصل مجرى الوقف، فقالوا: هذا فمٌّ، ورأيت فمًّا؛ كما أجروا الوصل مجرى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم [من الرجز]:
ضَخْمٌ يُحبُّ الخُلُقَ الأضْخَمَّا (٢)
وقولهم:
ببازلٍ وَجْنَاءَ أو عَيْهَلِّ (٣)
كأنَ مَهواهَا على الكَلْكَلِّ (٤)
(١) زيادة من "ت". (٢) شطر بيت لرؤبة بن العجاج، كما في "ديوانه" (ص: ١٨٣). (٣) العَيْهَلُ من النوق: السريعة. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٧٧٨)، (مادة: عهل). (٤) ذكرهما ثعلب في "مجالسه" (٢/ ٥٣٥ - ٥٣٦) فقال: قال الفراء: أنشدتني الدُّبيرية، ثم أورد أرجوزة، وفيها: فسل هم الوامق المغتل ... ببازل وجناء أو عيهل كأن مهواه على الكلكل ... بعد السرى من الندى المخضل وذكر ابن منظور في "لسان العرب" (١١/ ٥٩٠)، (مادة: كلل) أنه منسوب إلى منظور بن مرثد الأسدي.