القمل (١)، وقد خرَّج مسلم من حديث همَّام قال: ثنا قتادة: أن أنسًا أخبره: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شَكَوَا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - القملَ، فرخَّص لهما في قميص الحرير، في غَزَاةٍ لهما (٢).
فهذه الرواية فيها الرخصة للقمل، وفيها ما يدل على السفر أيضًا، وذكر (٣) القاضي عياض - رحمه الله تعالى - حديثَ الحكة وحديث القملِ في الغزاة اللذين قدمناهما، وقال: مذهبُ مالك - رحمه الله تعالى - مَنْعُه في الوجهين، وبعضُ أصحابِه يبيحه فيهما (٤).
وقال شيخُه القاضي أبو الوليد بن رشد المالكيُّ: ولا اختلاف في أنَّ لباسَ الرجالِ له في الحرب محظورٌ، لا يباح إلا مِنْ ضرورة، فقد أَرْخَصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف والزُّبير بن العوَّام في قميص الحرير، لحكةٍ كانت بهما.
قال: وكره ذلك مالك، ولم يرخص فيه (٥)، إذ لم يبلغه الحديث، والله أعلم، وقد روي عنه: أنه أَرْخَصَ فيه للحكَّة على ما في الحديث (٦).
(١) انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٤/ ٣٨١). (٢) رواه مسلم (٢٠٧٦/ ٢٦)، كتاب: اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها. وعنده: "في قمص الحرير". (٣) "ت": "وحكى". (٤) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٦/ ٥٨٥). (٥) "ت": "يرخصه". (٦) انظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٣/ ٤٣٢).