وثانيها: أنَّ جنسَ هذه المصلحة؛ أعني: احترامَ الوالد (١)، قد ألغاه (٢) الشرعُ في جنس المعصية حيث يقول: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}[المجادلة: ٢٢]، [وبسبب هذا سقطت حرمة الأبوين في الشرك، وذلك](٣) لتقديم حفظِ حرمات الله تعالى، ودفعِ المفاسد في الأرض على حُرمةِ الوالد.
فإن قلت: فذاك في حقّ الأب الكافر لا في حق [الأب](٤) المسلم.
قلت: قد ذكرتُ أنَّ الشارعَ أهدرَ جنسَ المصلحةِ بالنسبة إلى جنس برِّ الوالدين، ولم أقل: أهدرَ عينَها.
وثالثها: أناّ إذا اعتبرنا اشتقاقَ (المحادّة)، وأخذناه (٥) من الحدّ، وأن يكون كلُّ واحد من المُتَحادَّين في حد عن الآخر (٦)، والمرادَ (٧)
(١) "ت": "الولد". (٢) "ت": "ألغاها". (٣) في الأصل: "وليس هذا لسقوط حرمة الأب، فإذاً ليس ذلك لعدم اعتبار حق الولد، فهو إذن"، والمثبت من "ت". (٤) سقط من "ت". (٥) في الأصل: "أخذها"، والمثبت من "ت". (٦) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ١٤٠)، (مادة: حدد). (٧) أي: اعتبرنا المراد.