أو في جانب النفي: بأن يكون هو المقصود (١)، والقرائنُ ترشد إلى المراد، وهي من العُمَد الكبرى في فهمه {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}[محمد: ٣٦]، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠]، {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}[الرعد: ٧]، فإن جميع هذه الأوصاف التي دخلت عليها (إنما) ليست على العموم، بل يختص كونها لعباً ولهواً بمنْ لا يريدُ بعمله فيها الآخرةَ والتزودَ إليها، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لا ينحصر في النذارة ولا البشريَّة، بل له أوصاف أخرى جليلة زائدة على البشرية والنذارة، ولكن فُهِم منه: أنه ليس على صفة تقتضي العلم بالغيب لذاتها، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر مثلكم، [وإنكم](٢) تختصمون إلي"(٣)، وفي {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠] في الآية الكريمة، نفهم منه: أنه ليس قادراً على خَلْقِ الإيمان، قهراً لِسَبْقِ قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا
(١) انظر: "المحصول" للرازي (١/ ٥٣٥). (٢) زيادة من "ت". (٣) رواه البخاري (٢٥٣٤)، كتاب: الشهادات، باب: من أقام البينة بعد اليمين، ومسلم (١٧١٣) كتاب: الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، من حديث أم سلمة رضي الله عنها.