ومنها: أنه إنما حُمِلَ قولُهُ: (ولا الحَديدا)، على الموضع؛ لأنه لم يكنْ هناك عاملٌ لفظيٌّ يمكنُ حملُه عليه، وكذلك: ليس زيد بقائم، ولا قاعدًا، وخشَّنْتُ بصدرِه، وصدرَ زيدٍ، وكذلك البيتان الآخران:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا
و:
جئني بمثلِ بَنِي بَدْرٍ لقومهم
لأنهُ ليس في شيء من ذلك ما يُحمَلُ النصبُ عليه إلا الموضع، وليس كذلك [في](١) قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} في القراءة بالنصب؛ لأنه قد تقدم (٢) عاملٌ لفظي، فكانَ الظاهرُ حملَهُ عليه، لا يُطلبُ حملُهُ على غيرِه، ومثال ذلك: رفعهم المفعول إذا لم يُسمَّ فاعلُهُ، فلو ذهب ذاهبٌ في قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}[القصص: ٤٣] , إلى أن موسى في موضع رفع اعتبارًا بقوله جل ذكره:{أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}[القصص: ٤٨] لكان كلامُهُ لغوًا، وكذلك لا يلزمُ العطفُ على العامل مع تقدم العامل اللفظي، وإن لزم ذلك إذا لم يكنْ وجهٌ غيره، وأما [في](٣) قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ}[الأعراف: ١٨٦] قرأه أبو عمرو وعاصم: ويذرهم بالياء والرفع،
(١) زيادة من "ت". (٢) "ت": "تقدّمه". (٣) سقط من "ت".