ولا الطائفة؛ فإنَّ بعضهُم يقولُ: إنَّ الفئةَ النافرَةَ هي من يسيرُ [مع](١) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في مغازيهِ وسراياهُ، والمعنى حينئذٍ: أنَّهُ ما كانَ لهُم أنْ ينفروا أجمعينَ مع الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - في مغازيهِ لتحصُلَ الفائدةُ (٢) المتعلقةُ ببقاءِ من يبقَى في المدينة (٣)، والفئةُ النافرةُ مع الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - تتفَقَّهُ في الدينِ بسببِ ما يرونَ (٤) ويسمعونَ منهُ، فإذا رَجعوا إلَى من بقي بالمدينةِ أعلموهُم بما حصلَ لهم في صحبةِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - من العلمِ (٥).
والأقربُ الآنَ عندي: هو الأوَّلُ، والأولَى من هذا التأويلِ؛ لأنَّا إذا حمَلناهُ علَى هذا الثاني فقد يخالفُهُ ظاهرُ قولِي تعالى:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ}[التوبة: ١٢٠]، وقولُهُ تعالَى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}[النساء: ٧١]؛ فإن ذلكَ يقتضي؛ إمَّا طلبَ الجميعِ بالنفيرِ (٦)، أو إباحتَه، وذلكَ في ظاهرِ؛ يخالِف النَّهي عن نفيرِ الجميعِ، وإذا (٧)
(١) زيادة من "ت". (٢) "ت": "المصالح". (٣) في الأصل: "بالمدينة"، والمثبت من "ت". (٤) "ت": "ما يؤمرون". (٥) انظر: "تفسير الطبري" (١٤/ ٥٧٣). (٦) في الأصل: "بالتنفير"، والمثبت من "ت". (٧) "ت": "فإذا".