وأقبَلَ": علَى أنَّهُ بدأ بمقدم رأسه، وسماه إدبارًا؛ لأنه فعلٌ إلَى الدبرِ، فسماه بما يؤول إليه.
قالَ بعضُ المصنفين: وهي مسألةُ خلافٍ في أصول الفقه، هل يُسمَّى الفعل بمبتدئه، أو بمنتهاه؟ (١)
قلت: فعلَى هذا يُقَال أيضًا لمن بدأ بمؤخر رأسِهِ: أقبل؛ باعتبار المُنتهَى (٢)، فيتساوَى الاصطلاحان، ولكنَّهما يفترقان فيمن بدأ بمقدم رأسه ذاهبًا إلَى مؤخره (٣)، فصاحب الاصطلاح الأول [لا](٤) يقول: أقبل؛ لأنه لمْ يمرَّ إلَى جهة القبل، وصاحب الثاني يقول: أقبل؛ باعتبار الابتداء.
الوجه الرابع: نُقِلَ عن العابدِ المشهور الموصوف بالولايةِ مُحرِزُ ابن خلف المغربي (٥): أنَّ (أقبل) هاهُنا مأخوذ من (القَبَلِ) في العينِ، وهو ميل الناظر (٦)، وكثيرًا ما يكون في الخيلِ، يقال: فرسٌ أقبلُ، فمعنى: "أقبل بهما"؛ [أي:](٧) أمالهما.
(١) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (١/ ٥٢). (٢) "ت": "اعتبارًا بالمنتهى". (٣) "ت": "آخره". (٤) سقط من "ت". (٥) هو الإمام العابد الزاهد أبو محفوظ محرز بن خلف بن زرين، من نسل أي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وقد تهافتَ عليه الناس لسماع كلامه، توفي سنة (٤١٣ هـ). انظر: "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" لابن مخلوف (٢/ ٢٠٢). (٦) في الأصل: "وهو مثل الناظر". (٧) زيادة من "ت".