فنقول: قال أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي المعروف بالقَزَّاز في كتاب "جامع اللغة"(١) بعدَ ذكره البحرَ: وإذا اجتمعَ الملح في الماء والعذب يعني: سمَّوه باسم الملح؛ أي: بحرين، قال: ومنه قولُه - جلَّ وعزَّ -: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}[الرحمن: ١٩] فجعل الماء العذب بحراً لمقارنة الملح.
وهذا الكلامُ يقتضي أنَّ الاسمَ في الأصل للملح، وأن العذب سُمِّي بذلك للتغليب عند المقارنة، كالعُمَرين والقَمرين.
وقال ابن سيده صاحب "المحكم" في "المحكم": البحرُ: الماء الكثير ملحاً كان أو عذباً، وجمعُه: أبحُر وبُحُور وبِحَار، وقد غلب على الملح حتَّى قلَّ في العَذْب، وصَرَفُوه على معنى المُلُوحة، وقالوا: أبحرَ الماءُ، أي: صارَ مِلْحاً، وأنشد بيتَ نُصَيبٍ [من الطَّويل]:
(١) قال حاجي خليفة في "كشف الظنون" (١/ ٥٧٦) بعد أن ذكر سنة وفاة القزاز (٤١٢ هـ): وهو كتاب معتبر، لكنه قليل الوجود. (٢) انظر: "ديوان نُصيب بن رباح" (ص: ٦٦). وانظر: "المحكم" لابن سيده (٣/ ٢٣٩)، (مادة: بحر)، وقد سقط من المطبوع من "المحكم" قوله: "وصرفوه على معنى الملوحة".