معنى الوَضاءة والنظافة الذي جُعِلَ سببَ الوضوء وعُمدته، فتقدمت (١) اليد على الرأس ترجيحًا لأظهرِ المناسبتين.
وأما تقديمُ الرأس على الرجل فيمكنُ أن يكونَ باعتبار مناسبةِ الشرف [والرفعة، واعتبار الوضع الخَلْقي، فإنها لو تأخرت لتُرِكَ اعتبارُ مناسبة الشرف](٢)، والمطابقة للوضع الخَلْقي من كل وجه، بخلاف ما إذا تقدمت على الرجلين، فإن في ذلك اعتبارَها بين المناسبتين من [كل](٣) وجه، وتُؤَخَّرُ الرِّجلُ لاعتبار الوضع الخَلقي إذ (٤) لم يبقَ غيرُهما.
وقد بلغني أنه تناظرَ شافعيٌّ وحنفيٌّ في مجلس الشيخ أبي الحسن علي بن عيسى الربعي - رحمه الله (٥) - في ترتيب الأعضاء في الوضوء، واستدلَّ الشافعي بالحديث:"توضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثمَّ يَدَيْهِ، ثم مَسَحَ برأسِهِ، ثم غَسَلَ رِجْلَيه" أو كما قال.
قال: و (ثم) للترتيب، فقال أبو الحسن: مُحتملٌ أن يُراد بالترتيب
(١) "ت". "فقدمت". (٢) سقط من "ت". (٣) زيادة من "ت". (٤) "ت": "إذا". (٥) هو إمام النحو أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج الربعي البغدادي صاحب التصانيف، قال أبو علي: قولوا لعلي البغدادي: لو سرت من الشرق إلى الغرب، لم تجد أحدًا أنحى منك، من تصانيفه: "شرح الإيضاح"، و"شرح مختصر الجرمي"، توفى سنة (٤٢٠ هـ). انظر: "إنباه الرواة" للقفطي (٢/ ٢٩٧)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٧/ ٣٩٢).