قال الشيخ أبو العباس القرطبي: اختُلف في معنى هذا على أقوال:
أحدها: أنَّ أعمالَ بني آدم يمكن الرياءُ فيها، فتكون لهم إلا الصيام، فإنه لا يمكن فيه إلا الإخلاص؛ لأن حال الممسك شبعاً كحال الممسك تقرباً؛ وارتضاه المازِريُّ.
وثانيها: أن أعمال بني آدم كلَّها لهم منها حظٌّ إلا الصيام، فإنه لاحظَّ لهم فيه؛ قاله الخطابي.
وثالثها: أن أعمالَهم هي أوصافُهم، ومناسبةٌ لأحوالهم (١)، إلا الصيام، فإنه استغناءٌ عن الطعام، وذلك من خواصِّ أوصاف الحقِّ سبحانه وتعالى.
ورابعها: أن أعمالَهم مضافةٌ إليهم إلا الصيام، فإن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفاً؛ كما قال:{نَبِّئْ عِبَادِى}(٢)[الحجر: ٤٩].
وخامسها: أن أعمالهم يُقتصُّ يوم القيامة منها (٣) فيما عليهم إلا الصيام، فإنه لله، ليس لأحد من أصحاب الحقوق أن يأخذ منه شيئاً. قال: قاله ابن العربي.
(١) "ت": "أحوالهم". (٢) في المطبوع من "المفهم" للقرطبي: "كما قال: (بيتي وعبادي) ". والصواب ما أثبته، ولما سيأتي في كلام المؤلف رحمه الله في الوجه الرابع من الاعترض على كلام القرطبي. (٣) "ت": "منها يوم القيامة".