أن حكم الدباغ مقصورٌ عليه، وأنه لا يصح إلا به؛ لأن الدباغةَ رخصةٌ، فاقتضى أن يكونَ حكمُها مقصورًا على النص، وقال أبو حنيفة: المعنى في الشَّبِّ والقَرَظ أنه منشِّفٌ مجفِّفٌ، وكلُّ شيء كان قيه تنشيفُ الجلد وتجفيفُه جاز به الدباغُ حتى بالشمس والنار.
قال: ومذهبُ الشافعي أنَّ المعنى في الشَّبِّ والقَرَظ أن يحدثَ في الجلد أربعة أوصاف:
أحدها: تنشيفُ فضوله الظاهرة ورطوباتِه الباطنة.
الثاني: تطييبه، وإزالة ما طرأ عليه من سُهوكة (١) ونتن.
الثالث: نقل اسمه من الإهاب إلى الأديم، والسبت، والدَّارِش.
الرابع: بقاؤه على هذه الأحوال بعد الاستعمال.
فكلُّ شيء أثر في الجلد هذه الأوصاف الأربعة من الخشب
= في الماء والقرظ ما يطهرها"، قال: هذا الَّذي أعرفه مرويًا. قال: وأصحابنا يروون "يطهره الشث والقرظ" وهذا ليس بشيء. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٤٩): فهذا شيخ الأصحاب قد نص على أن زيادة "الشب" في الحديث ليست بشيء، قكان ينبغي للإمام الجويني والماوردي ومن تبعهما أن يقلدوه، انتهى. قلت: وقد روى أبو داود (٤١٢٦)، كتاب: اللباس، باب: في أهب الميتة، والنسائي (٤٢٤٨)، كتاب: العقيقة، باب: ما يدبغ به جلود الميتة، من حديث ميمونة رضي الله عنها في الشاة الميتة، أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "يطهرها الماء والقرظ". (١) السهوكة: الريح القبيحة.