وقال الأزهري في "غريب كتاب المزني": وكل جلد عند العرب إهاب (١).
وعلى قول هؤلاء لا يتمُّ القولُ بالموجب.
الوجه الثالث: التخصيص، وهو مبنيٌّ على أن الإهاب اسم للجلد مطلقًا، فإذا كان كذلك، فهو عامٌّ فيما قبلَ الدباغ وبعدَه، فنخصه بما قبل الدباغ، وهذا يُحوِج إلى قاعدتين قدمناهما؛ إحداهما: أن لا يُقدَّم المؤرَّخ. والثانية: حكمُ العام مع الخاص إذا جُهل التاريخ.
الوجه الرابع: الترجيح، وهذا مذكور عن الشافعي - رحمه الله - في المناظرة التي ذكرها أبو الشيخ الحافظ، قال: إن إسحاق بن راهويه ناظر الشافعيَّ وأحمدَ بن حنبل (٢) في جلود الميتة إذا دبغت، فقال الشافعي: دباغُها طهورُها، فقال له إسحاق: ما الدليل؟ فقال: حديث االزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"هلَّا انتفعْتُم بإهابِهَا".
فقال له إسحاق: حديث ابن عُكَيم: كتب إلينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإِهابٍ ولا عَصَبٍ، فهذا يشبه أن يكون ناسخًا لحديث ميمونة؛ لأنه قبلَ موتِه بشهر.
(١) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ٣٨). (٢) في المطبوع من "غرر الفوائد" لابن العطار: "بحضرة الإمام أحمد" ولعله كذلك؛ إذ المناظرة معروفة بين الإمامين الشافعي وإسحاق بن راهويه.