منه، ولم يأتِ فيه (١) للبصريين تأويلٌ أحسن من قولٍ ذكره ابن جني في كتاب "الخصائص"(٢)، وأنا أورده في هذا الموضع، وأَعضُده بما يشاكله من الاحتجاج المقنع، إن شاء الله.
قلت: ثم ذكر أشياءَ كثيرةً، حاصلُها يرجع إلى المعنى الَّذي يُسمَّى التضمينَ، وهو تضمينُ لفظٍ (٣) معنىً آخر؛ ليفيد المعنيين، ومما اشتُهر فيه قوله [من الرجز]:
قَدْ قَتَل اللهُ زيادًا عنِّي (٤)
قيلَ: ضمّن (قتلَ) معنى صرفَ؛ ليفيد الصَّرْف بالقتلِ، وأنه وَقَعَ به لا بغيره.
وذكر ابن السِّيْد فيه وجهًا آخر فقال: وقد يجوز أن يكون بمنزلة قولهم: حَجَجْتُ البيتَ عن زيدٍ، أي نِبْتُ في ذلك منابَه، وفعلتُ في
(١) "ت": "ولم نر فيه". (٢) انظر: "الخصائص" لابن جني (٢/ ٣٠٦). (٣) "ت": "كلمة". (٤) للفرزدق كما نسبه إليه ابن سيده في "المحكم" (٦/ ٣٣٢)، والعسكري في "جمهرة الأمثال" (١/ ٢١١)، وابن جني في "الخصائص" (٢/ ٣١٠)، وابن منظور في "لسان العرب" (١١/ ٥٥٢)، وغيرهم. وذلك أن زيادًا قد نفى الفرزدق وآذاه، ونذر قتله، فلما بلغ موتُه الفرزدقَ شمِت به، فقال: كيف تراني قالبًا مِجَنِّي ... أقلِبُ أمري ظهرَهُ للبطْنِ قد قتلَ اللهُ زيادًا عنِّي