أرادَ كنتُ منه بَريئًا ووالدِيِ منه بَرِيئًا كما تَقَدمَ، وهذا كُلُّه تَقْوِيَةٌ لحَذْفِ المَفْعولِ في هذا البابِ.
وَصَفَ في البيتِ رَجُلًا كانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ مُشاجَرَةً في بِئْرٍ وهو الطَوِي، فذَكَرَ أنّه رَماهُ بأَمْرٍ يَكْرَهُهُ ورَمَى أَباهُ بمِثْلِهِ على بَراءَتهما مِنه من أجْلِ المُشاجَرَة التي كانَتْ بينهما.
ويُروى ومِنْ جُولِ الطَوِيِّ رَمَاني، والجُولُ والجَالُ: جِرابُ [البِئْرِ من قَعْرِها إلى أعلاها](١٧٥) في جَميعِ جَوانِبِها. والمعنى أنّ الذي رَماني به رَجَعَ عليه وكان أحَقَّ به فكانَ كَمَنْ رَمَى في قَعْرِ بِئرٍ فرجَعَتْ رَمْيَتُهُ عليه، وهذا البيتُ على هذه الروايةِ مِنْ أَحْكَمِ أبياتِ العربِ.
هذا [كالأبيات](١٧٧) المُتَقَدّمة في حَذْفِ خَبَرِ الأولِ لدلالةِ خَبَرِ الثاني عليه، وتَقديرُ جَميعِ الأبياتِ عندَ غَيرِ سيبويه إلا البيتَ الأولَ منها وهو قوله: نَحنُ بما
(١٧٤) الكتاب ١/ ٣٨، شعره: ١٨٦ - ١٨٧ حيث نسب فيه إليه وإلى الأزرق بن طرفة بن العمرد الفراجي، وابن أحمر شاعر جاهلي أدرك الإسلام (الشعر والشعراء ٣٥٦، معجم الشعراء ٢٤، الخزانة ٣/ ٣٨). (١٧٥) في ط: جدار البئر من أسفلها إلى أعلاها. (١٧٦) البيت للفرزدق في: الكتاب ١/ ٣٨، معاني القرآن ٣/ ٧٧، شرح أبيات سيبويه ١/ ١٥٦، الإنصاف ٩٥، اللسان (قصد)، ولم أبعده في شرح ديوانه. (١٧٧) في ط: هذه الأبيات.