الشاهدُ فيه حَمْلُ (غَيْرٍ) على (مَنْ) نَعْتًا لها، لأنّها نكرةٌ مُبْهَمَةٌ، فَوُصِفَتْ بما بَعدَها وَصْفًا لازمًا يكونُ لها كالصِلَةِ، والتقديرُ على قومٍ غَيرِنا، ورَفْعُ (غَيْر) جائزٌ على أنْ تكونَ (مَنْ) موصولَةً ويُحْذَفُ الراجِعُ عليها مِن الصلةِ، والتقديرُ على مَنْ هو غَيرُنا، والحُبُّ مرتفعٌ بـ (كَفَى)، والباءُ في قوله:(بنا) زائدةٌ مؤكِّدَةٌ.
الشاهدُ فيه جَرْيُ (مَمْطورٍ) على (مَنْ) نَعْتًا لَها، والقَولُ فيه كالقَولِ في الذي قَبْلَه. وقَولُه:(بِوادِيهِ) مُتَّصلٌ (بمَمّطورٍ) في التقديرٍ، والمعنى كرَجُلٍ مُطِرَ وهو بِوادِيهِ ومَحَلّهِ.
وَصَفَ خَيالًا طَرَقَه وحَلَّ برَحْلِهِ ورِحالِ أصحابِهِ فَسُرَّ به سُرورَ المُحتاجِ إلى الغَيْبِ إذا نَزَلَ به.
وأنشد في البابِ في مِثْلِهِ لعَمرو بنِ قَمِيئةَ اليَشكُرِيّ (٩٢٣):
[٣٨٣] يا رُبَّ مَنْ يُبْغِضُ أَذْوادَنا … رُحْنَ على بَغْضائِهِ واغْتَدَيْن
الشاهدُ في (٩٢٤) إدخالِ (رُبَّ) على (مَنْ)، والاستِدلالِ بذلك على تنكيرِها، لأنّ (رُبَّ) لا تَعملُ إلّا في نكرةٍ، ويُبْغِضُ في موضعِ الوَصفِ لِمَنْ.